تنافسية صناعة الأدوية في الأردن
يونيو 1, 2021 غير مصنفد. يوسف منصور
تواجه صناعة الأدوية في الأردن تحديات جديدة إضافة إلى التحديات التي تواجهها الصناعات الأخرى بعد توقيع الأردن اتفاقيات التجارة الحرة كاتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وعضوية منظمة التجارة العالمية واتفاقية التجارة الحرة مع أمريكا خاصة في مجال حقوق الملكية الفكرية حيث التزمت المملكة بشكل متزايد بتطبيق حقوق الملكية الفكرية على الصناعات الدوائية بحجة أن مثل هذا الالتزام سيؤدي إلى استثمار الشركات الدوائية الكبرى في الشركات الأردنية, وأن الالتزام باحترام الملكية الفكرية سيشجع على الإبداع والاختراعات في هذا المجال, وفتح الأسواق في الخارج.
وفي التسعينيات, أي قبل بدء الالتزام بهذه المعاهدات, كانت صادرات الأردن من المستحضرات الدوائية تمثل %10 من مجمل الصادرات, وأصبحت في السنوات العشر الأخيرة, عقد البدء بالالتزام, تمثل في المتوسط %8.8 من مجمل الصادرات, أي أن تنافسينها تراجعت, كما أن من الملاحظ أن أسعارها ارتفعت بالنسبة للمواطن لتصبح أضعاف أسعار الدواء في مصر وسورية, وأيضا ازداد أثرها على موازنة الحكومة التي أصبحت تشتري كميات أكبر من الأدوية المستوردة فأصبح عبء هذه الأدوية يفوق 100 مليون دينار, وتراكمت ديون الحكومة لشركات الأدوية المستوردة, نتيجة عدم تمكن الشركات الأردنية من تصنيع بعض الأدوية الجديدة بعد انتهاء فترات امتيازها المعتادة 15 عاما, وذلك لأن الأردن من غير الدول التزم (في اتفاقية التجارة الحرة مع أمريكا في 2001) بفترة حماية للأدوية تصل إلى 20 عاما, مما حرم الأردن سنويا من 40-50 دواء جديدا وجعل صناعة الأدوية أقل قدرة على التصدير إلى أسواقها المعهودة في العالم العربي, مما أدى إلى نقل التصنيع وإنشاء المصانع إلى بعض هذه الدول.
ورغم استفادة أصحاب الشركات من أرباحهم غير أن هناك فرص التوظيف في صناعة مهمة وذات قيمة مضافة عالية تذهب أيضا إلى هذه الدول وليس للأردن.
وقد استفاد في الأردن من هذه الاتفاقيات والتزاماتها الشركات المستوردة للدواء الأجنبي. حيث تمكنت بذلك من استيراد كميات أكبر, لأن معظم الشركات التي تستورد الأدوية في الأردن مملوكة أيضا من قبل أصحاب الشركات المصنعة للدواء المحلي فإن أصحاب رؤوس المال لم يتضرروا بل استفادوا من هذه الاتفاقيات.
أيضا لم تستثمر أي من كبرى شركات الأدوية العالمية في صناعة الأدوية في الأردن بحجة صغر حجم السوق في الأردن, وفضلت الاستثمار في دول تعطي مستويات حماية أقل من تلك الممنوحة في الأردن مفضلة حجم السوق على الحماية وهو أمر معتاد ومألوف في مجال جذب الاستثمارات الأجنبية.
بالمحصلة فإن شركات التصنيع الأردنية أصبحت أكثر عالمية من السابق حين افتتحت مصانعها في الخارج, واستفادت شركات استيراد الأدوية, وخسر المواطن وتفاقمت مصاريف الحكومة; من هنا كنا نتمنى لو أن لدينا مراكز فكرية وبحثية يستفيد من دراساتها القطاعان العام والخاص قبل التوقيع على اتفاقيات تؤثر في مصالح الأردن ككل وليس لمجموعة على حساب أخرى قد تكون أهم.